محسن مختار الجوهري عضو جمعية الإنقاذ البحرى وحماية البيئة رئيس لجنة أنقذوا بحرنا الأحمر
الإسكندرية في 12/12/2010م
(
حب المهنة – وهموم الوطن )
تقديم :
سبحان الله وتعالي الذي إبتلي إناساً بلا مناصب – ولكن يحملون في قلوبهم
هموم أوطانهم في زمن زادت الهموم وأصبحت تأتي من كل إتجاه ، ومع حبي أنا
شخصياً لمهنتي التي زاولتها منذ عام 1963 حتي الآن بفضل الله . ولن أعدد ما حاولت
تقديمه سواءاً لبيئة مهنتي أو أبناء مهنتي فالله هوالمطلع .
( وممثلاً لجمعية البيئة والإنقاذ –
بالغردقة والبحر الأحمر )
أقدم هذه الدراسة السريعة لما أصاب بيئة البحر الأحمر من
مصاب فادح ، ربما يكون من المصائب التي أتمني أن ينجم عنها الفوائد .
( البحر الأحمر والقرش المفتري عليه )
لقد أتبعنا للأسف بعض الأمثال الشعبية الشائعة :
أنصر أخيك ظالماً أو مظلوماً !!! نعم ظلمنا القرش بإتباعنا الآتي علي مدار
عشرات السنين :
أولاً : الإنتهاك الصارخ
للبيئة :
وأقصد هنا البيئة البحرية بالطبع حيث تتميز بيئة البحر
الأحمر بوجود عدة عناصر جعلته من أكثر بحار العالم جمالاً وإقبالاً من الغواصين ثم
السابحين ثم المتشمسين.
1- إمتلائه بالشعاب المرجانية والتي تتكون إما من مناطق متراكمة بسميها أهل
المنطقة ( عروق ) وتزداد تراكما كلما إتجهنا جنوباً إلي أن تكون جزر يبرز بعضها
علي سطح الماء . ثم شمالاً في خليج العقبة علي شكل مصاطب ممتدة من البر تسقط
نهايتها إلي الأعماق علي شكل بانوراما جدارية نسميها شعاب حائطية .
ماذا فعلناه ؟؟
أ- لقد أتلفنا آلاف الأمتار بسوء التعامل البشري والضغط البشري الآتي من كم من
فنادق ومنتجعات بنيت بغير حساب أو تقدير للإستيعاب البشري البحري .
ب- أثناء البناء في مناطق
عديدة مثل هضبة شرم الشيخ مثلاً تم إلقاء كل شيء متاح في البحر مما أدي إلي
زيادة الإهلاك ولقد شاهدت شخصياً شكائر الأسمنت وحديد التسليح تغطي أو تخترق مناطق
كانت من أجمل مناطق الغوص .
ج- ناهيك عن
اللنشات التي كانت ترتع وتلقي مخاطيفها وتدمر وتتلف مئات الأمتار ، وقمنا عام 1986
في حضور رئيس الإتحاد لدولي للغوص في هذا الوقت ( دكتور بييربيرو ) بالدراسة ،
وقدمنا تقريرنا بإسم الإتحاد إلي وزارة السياحة عن كيفية الحفاظ علي البيئة
.
ثم أنشأت بعد ذلك في الغردقة جمعية ( هيبكا ) والتي حظيت
بدعم مالي كبير من الإتحاد الأوروبي والحمدلله قامت بالحفاظ علي ماتبقي من بقايا
البيئة في الغردقة .
ثم تم حديثاً إنشاء جمعية البيئة البحرية والإنقاذ من
مجموعة من المصريين المحبون للبحر الأحمر، ويرغبون في إنقاذ البقية من بيئته التي
كانت خلابة .
سوف يسألني البعض وماهو دخل القرش في الشعاب المرجانية ، الرد هو أن سبب ما
سيأتي ذكره عن الغني الفاحش الذي كان موجوداً في البحر الأحمر عندما بدأنا نسمع
عنه ونغوص فيه في الخمسينيات من القرن السابق ، الغني
الفاحش في ثروته السمكية المتعددة والمتنوعة .
2- تكون الشعاب المرجانية مستعمرات سمكية متعددة الأحجام والأصناف تشكل بقدرة
الخالق سبحانه وتعالي حلقة مغلقة من التوازن البيئي ، اكبرها القرش الحوت وأصغرها
فرس البحر .
ماذا فعلناه ؟؟
أ-
من أجل الربح قصيراً لأجل قام الإنسان الظالم مدمر
البيئة بالآتي :
- فور إستلامنا
جنوب سيناء أقنع الأسرائيليون إحدي شركات القطاع العام بصيد أسماك الزينة وتصديرها
إلي اليابان ، وتم إفناء الآلاف إلي أن توقف المشروع .
- أقام أحد رجال الأعمال الأفاضل شركة لتصدير ( خيار البحر ) بديل الفياجرا ،
ومن الغريب أنه تم السماح له بالتصدير ، بينما منعت وزراة البيئة صيده ، وصدقت جهة
أمنية عسكرية بخروج السفن لإصطياده وبالإضافة لمصيبة إفنائه فقد مات خلال سنوات
إفنائه مالايقل عن خمسين صياداً محاولين الغوص عن عدم دراية أو دراسة ( وكان بعضهم
غواصين مهرة )
-
تحول بعد ذلك رجال الأعماق إلي تصدير ( زعانف سمك القرش ) ، وسجل في الموقع
العالمي لبيع الزعانف أن مصر تأتي في
المركز السادس والخمسون مصدرة في عام 2008 ( 6666 كيلو جرام زعانف) ، أي إذا
أعتبرنا الزعنفه تشكل 10% من وزن القرش الواحد يكون قد تم إهدار دم حوالي 600 ألف
قرش ، علماً بأن علي مستوي العالم تم إهدار دم سبعون مليون قرشاً (وقيل في بعض وسائل
الإعلام خمسة وسبعون ) ، ونتج علي زيادة الطلب علي هذه الزعانف وفود سفن الصيد من
مختلف أنحاء مصر بل وتم الإمساك بسفن يمنية
-
ويقول البعض أنه لايوجد صيد جائر!! ،أقول نعم لايوجد ، ولكن يوجد صيد إفنائي للعديد من سلاسل دائرة الحلقة
الغذائية الطبيعية مما أحدث خللاً شديداً في التوازن البيئي .
- بدأ بعض
السائحين بتشجيع من شركات السياحة المصرية بعملية إمداد القروش بالطعام لكي
يتجمعوا ويتصوروا معهم ، ومن المعروف أن هذا يغير من طباع الأسماك .
ثانيـــــاً : التلويث البيئي الجاهل :-
1-
تلويث نوعــي :
للأسف يفتقر الإنسان المصري إلي ثقافة الحفاظ علي البيئة لأسباب عديدة لسنا
في مجال ذكرها الآن ، فمع وجود لنشات الغوص اليومي ولنشات ( الإقامة الفندقية )
التي يسمونها سفاري وبالرغم من وجود قيود وتعليمات شديدة ، لكن في عدم وجود
الرقابة والتفتيش ، فللأسف يحتاج الإنسان المصري في غيبة الضمير إلي رقيب خارجي (
كما يحدث عند عدم وجود جندي مرور فيقوم قائد السيارة بالدخول الخاطيء وكسر الإشارة
..... إلأخ ) ، وقد شـــاهدنـــــــــا:
أ- إلقاء مخلفات الطعام .
ب- إلقاء مخلفات الصرف
الصحي .
ج- إلقاء المهملات .
2- تلويث ضوضائــــــي :
لا أعلم
بالتحديد عدد السفن التي تجوب البحرالأحمر وقد ذكرت في لقاء تليفزيوني عن عدم
دراية أنها ألف ، ولكن الزميل / حسن الطيب ذكر أنها خمسة آلاف ، فتخيلوا كم
الضوضاء والترددات الناجمة عن حركة الرفاصات ، فمنها الجاذب ومنها الطارد .
3-
التأثير البشري : ( Human / impact )
نتج عن بيع كل
شبر يقع علي ساحل خليج العقبة وساحل البحر الأحمر أن إمتلأت الشواطيء بالرواد
الذين لم يتركوا للأحياء البحرية والتي كانت تضع بيضها علي الشاطيء الرملي ( مثل
الترسة ) لم يتركوا لها مكاناً فهاجرت وأوشكت علي الأنقراض بالرغم من منع صيدها
عالمياً ، ولكن شباك الجرفي مياهنا قامت بالواجب أما أولئك السابحين الذين ينزلون
الماء للسباحة علي السطح أو السباحة بقصبة التنفس (الشنوركل ) فإنهم أفزعوا
الأسماك بأعدادهم الهائلة وجعلوها ترحل بعيداً عن شواطئنا إلي أماكن أخري .
4-
التلوث البترولي :
يمتليء شمال البحر ألأحمر إعتباراً من جبل الزيت ثم
شمالاً بالمنصات البترولية وخطوط الأنابيب وبالتالي السفن الداعمة والناقلة
، ولا أستطيع أن أحدد كم التلوث البترولي الناتج لأن الرد بالطبع معروف ويكفي
ماحدث منذ عدة شهور في منطقة الجونة وشمال الغردقة ، وثبت بعد التحقيق أنه تلوث
أجنبي وليس مصري .
5- لا ننسي أيضاً السفن العابرة والناقلة لجميع أنواع التجارة ومنها الحيوانات
( كالخراف النافقة ) وبالطبع في عدم وجود رقيب أو حسيب فإن أبسط شيء هو إلقاء
مخلفاتهم في بحرنا الأحمر .
ثالثاً : الوعــي البيئي :
كما ذكرت يفتقر الإنسان المصري العامل في المنطقة للوعي البيئي ومعرفة أن
هذا البحر الأحمر هو مورد مهنته ودخله ، فإن لم يحافظ عليه فسوف يأتي يوم ( أتمني
من الله أن لا يأتي ) ويصبح بحيرة ساكنة لا يحضر لزيارتها إلا المتشمسين .
وإلي الجزء التالي لنا لقاء بإذن الله ،،،،
عضو جمعية الإنقاذ
البحرى وحماية البيئة
رئيس لجنة أنقذوا بحرنا الأحمر
تعليقات
إرسال تعليق